فصل: مسير الراضي وابن رائق لحرب ابن البريدي.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وصول يحكم مع ابن رائق.

كان يحكم هذا من جملة مرداويج قائد الديلم ببلاد الجبل وكان قبله في جملة ما كان بن كالي ومن مواليه وهبه له وزيره أبو علي الفارض ثم فارق ما كان مع من فارقه إلى مرداويج وكان مرداويج قد ملك الري وأصبهان والأهواز وضخم ملكه وصنع كراسي من ذهب وفضة للجلوس عليها هو وقواده ووضع على رأسه تاجا تظنه تاج كسرى وأمر أن يخاطب بشاهنشاه واعتزم على قصد العراق والاستيلاء عليه وتجديد قصور كسرى بالمدائن وكان في خدمته جماعة من الترك ومنهم يحكم فأساء ملكهم وعسكرهم فقتلوه سنة ثلاث وعشرين بظاهر أصبهان كما نذكره في أخبارهم واجتمع الديلم والجبل بعده على أخيه وشكمير بن وزيار وهو والد قابوس ولما قتل مرداويج افترق الأتراك فرقتين ففرقة وسارت إلى عماد الدولة بن بويه بفارس والأخرى وهي الأكثر سارت نحو الجبل عند يحكم فجبوا خراج الدينور وغيرها ثم ساروا إلى النهروان وكاتبوا الراضي في المسير إليه فأذن لهم وارتاب الحجرية بهم فأمرهم الوزير بالرجوع إلى بلد الجبل فغضبوا واستدعاهم ابن رائق صاحب واسط والبصرة فمضوا إليه وقدم عليهم يحكم وكان الأتراك والديلم من أصحاب مرداويج فجاءته جماعة منهم فأحس إليهم وإلى يحكم وسماه الرائقي نسبة إليه وأذن له أن يكتبه في مخاطباته.

.مسير الراضي وابن رائق لحرب ابن البريدي.

ثم اعتزم ابن رائق سنة خمس وعشرين على الراضي في المسير إلى واسط لطلب ابن البريدي في المال ليكون أقرب لمناجزته فانحدر في شهر محرم وارتاب الحجرية بفعله مع الساجية فتخلفوا ثم تبعوه فاعترضهم وأسقط أكثرهم من الديوان فاضطربوا وثاروا فقاتلهم وهزمهم وقتل منهم جماعة ولجأ فلهم إلى بغداد فأوقع بهم لؤلؤ صاحب الشرطة ونهبت دروهم وقطعت أرزاقهم وقبضت أملاكهم وقتل ابن رائق من كان في حبسه من الساجية وسار هو والراضي نحو الأهواز لإجلاء ابن البريدي منها وقدم إليه في طلب الاستقامة وتوعده فجدد ضمان الأهواز بألف دينار في كل شهر ويحمل في كل يوم قسطه وأجابه إلى تسليم الجيش لمن يسير إلى قتال ابن بويه لنفرتهم عن بغداد وعرض ذلك على الراضي فأشار الحسين بن علي القونجي وزير ابن رائق بأن لا تقبل لأنه خداع ومكر وأشار أبو بكر بن مقاتل بإجابته وعقد الضمان على ابن البريدي عاد ابن رائق والراضي إلى بغداد فدخلاها أول صفر ولم يف ابن البريدي بحمل المال وأنفذ ابن رائق جعفر بن ورقاء ليسير بالجيش إلى فارس ودس إليهم ابن البريدي أن يطلبوا منه المال ليتجهزوا به فاعتذر فشتموه وتهددوه بالقتل وأتى ابن البريدي فأشار عليه بالنجاء ثم سعى ابن مقاتل لابن البريدي في وزارة ابن رائق عوضا عن الحسين القونجي وبذل عنه ثلاثين ألف دينار فاعتذر له بسوابق القونجي عنده وسعيه له وكان مريضا فقال له ابن مقاتل: إنه هالك! فقال ابن رائق: قد أعلمني الطبيب أنه ناقه فقال: الطبيب يراجيك فيه لقربة منك ولكن سل ابن أخيه علي بن حمدان وكان القونجي قد استناب ابن أخيه في مرضه فأشار عليه ابن مقاتل أن يعرف الأمير إذا سأله بمهلكه وأشار عليه أن يستوزره فلما سأله ابن رائق أيأسه منه فقال ابن رائق: عند ذلك لابن مقاتل: أكتب لابن البريدي يرسل من ينوب عنه في الوزارة فبعث أحمد بن الكوفي واستولى مع ابن مقاتل على ابن رائق وسعوا لابن البريدي أبي يوسف في ضمان البصرة وكان عامل البصرة من قبل ابن رائق محمد بن يزداد وكان شديد الظالم والعسف بهم فخادعه ابن البريدي وأنفذ أبو عبد الله مولاه إقبالا في ألقي رجل وأقاموا في حصن مهدي قريبا فعلم ابن يزداد أنه يروم التغلب على البصرة وأقاما على ذلك وأقام ابن رائق شأن هذا العسكر في حصن مهدي وبلغه أيضا أنه استخدم الحجريين الذين أذن لهم في الانسياح في الأرض وأنهم اتفقوا مع عسكره على قطع الحمل وكاتبه يطردهم عنه فلم يفعل فأمر ابن الكوفي أن يكتب إلى ابن البريدي بالكتاب على ذلك ويأمر بإعادة العسكر من حصن مهدي فأجاب باعدادهم للقرامطة وابن يزداد عاجز عن الحماية وكان القرامطة قد وصلوا إلى الكوفة في ربيع الآخر وخرج ابن رائق في العساكر إلى حصن ابن هبيرة ولم يستقر بينهم أمر وعاد القرمطي إلى بلده ابن رائق إلى واسط فكتب ابن البريدي إلى عسكره بحصن مهدي أن يدخلوا البصرة ويملكوها من يد ابن يزداد وأمدهم جماعة من الحجرية فقصدوا البصرة وقاتلوا ابن يزداد فهزموه ولحق بالكوفة وملك إقبال مولى ابن البريدي وأصحابه البصرة وكتب ابن رائق إلى البريدي يتهدده ويأمره بإخراج أصحابه من البصرة فلم يفعل.